dimanche 12 novembre 2017

عاج الشقيّ على رسم يسائله .... و عجت أسأل عن خمّارة البلد



  البارحة كان اللقاء مع حانة ال ج.ف.كا لقاءا ليس ككلّ اللقاءات  . فبعد ان افتتحت الحانة أبوابها من جديد كان لقاء الذاكرة و الحنين و الحبّ و الصداقات المتجدّدة . طبعا سيستهجن البعض حديثي عن الحانات و الخمّارات و سأنعت بالفاجرة و العاهرة و الملحدة و سينتهك عرضي و ينهش لحمي و لكن نشوة ما عشته البارحة يفوق كلّ هذا و ذاك . لمن يجهل ذلك في تلك الحانة كانت تدور أعتى النقاشات السياسية الشبابية في تحدّ لصلافة ووقاحة البوليس السياسي . هناك كانت القرائح تجود بكلمات بعض الأغاني الملتزمة الرافضة للقمع .هناك كانت توضع استراتيجيات بعض التحرّكات . و لاأدري أهي الصدفة أو القدر فقد كانت أوّل زيارة لي لذلك المكان منذ سنين خلت متزامنة مع أيّام قرطاج السنمائية كما كان هو الحال عليه البارحة و كنت بعد طالبة. ليلتها شدّتني الموسيقى و سحرتني النقاشات و عفوية رواد الحانة و صرت من المدمنين عليها. ليلتها عرفت جزءا من قصّة والدي و تجاربه مع التعذيب . عرفت أشياء حاول دوما اخفاءها عنّي و لعلّه فعل ذلك رأفة بي و في محاولة منه لابعادي عن عالم السياسة .البارحة كانت النقاشات على أشدّها أيضا . رأيت بعض روّاد الحانة من القدماء و رأيت شابات و شبّان آخرين أصغر منّا سنّا وقد حمّلنا بعضهم خلال النقاشات مسؤولية الفشل في استكمال المسار الثوري تماما كما حمّلنا الأجيال السابقة جثوم الدكتاتورية على صدر شعب بأكمله . كانت المباراة في منتصفها عندما وصلت هناك مع بعض الأصدقاء . اهتمّ بها البعض و تجاهلها آخرون .و بين الفينة و الفينة كانت بعض الأصوات تتعالى بالتشجيع تفاعلا مع المبارات .و كنت أواصل النقاش و أجري اتصالات في علاقة بفيضانات الجنوب في محاولة يائسة لمساعدة من اتّصلوا بي .و ذكّرني مطفّر بأشياء عشناها هناك . ذكّرني بعادتي التي نسيت . نعم فقد كنت أقتني زجاجة أرخص زجاجة من خمر "الروزي" و أطلب من النادل فتحها قبل أن أمضي الليلة في احتسائها دون استعمال كأس . و ما ان انتهت المقابلة حتى عمّت الفرحة و علت الاهازيج فرقص البعض و صفّق آخرون قبل أن تسحرنا موسيقى جميلة دفعت البعض الى الرقص . ثمّ اعتلت فرقة شبابية المنصة و أمتعتنا بموسيقى الروك الرائعة . 
البارحة دفعتني الزيارة هناك الى التفكير حتى نال منّي السهاد. ماذا فعلت بشبابك ؟ ( عذرا جيلبار على استعارة عنوان كتابك) . تذكّرت لقاءاتي مع سفيان و النقاشات الحادة حول محتوى مدوّنتنا المشتركة "فردة و لقات أختها" و نقاشاتنا حول المسرحيات و الأفلام التي نشاهدها و معارض الفنّ التشكيلي التي كنّا نزورها معا بانتظام. تذكّرت دفاترنا و نصوصنا التي نكتبها هناك و العجّة المقرفة التي كنّا نتناولها بنهم شديد و تشابه الأمس مع اليوم و كأنّ الزمن توقّف لبرهة و عدنا الى نفس النقطة المقرفة فها نحن نناقش نفس المشاكل و المصائب التي لطالما منعت هذا البلد الجميل من التألّق و التحرّر. 
لاأعلم ا اذاماأعطتني الزيارة هناك طاقة جديدة أم حطّت من معنوياتي و لكن أعلم أنّها أثارت الكثير من الذكريات فاختلطت المشاعر و تداخلت الأفكار و دفعتني الى كتابة هذه السطور.

6 commentaires:

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...